عناصر المقالة :
المادة والأسلوب والخطة .
1-المادة:
هي مجموعة الأفكار ، والاراء ، والحقائق ، والمعارف والنظريات ، والتأملات ، والتصورات ، والمشاهد ، والتجارب والأحاسيس ، والمشاعر ، والخبرات التي تنطوي عليها المقالة ، ويجب أن تكون المادة واضحة ، لالبس فيها ولا غموض ، وأن تكون صحيحة بعيدة عن التناقض ، بين المقدمات والنتائج ، فيها من العمق ما يجتذب القارئ ، وفيها من التركيز ما لا يجعل من قراءتها هدراً للوقت ، وفيها وفاء بالغرض ، بحيث لا يُصاب قارئها بخيبة أمل ، وأن يكون فيها من الطرافة والجدة بحيث تبتعد عن الهزيل من الراي ، والشائع من المعرفة والسوقي من الفكر ، وفيها من الإمتاع ، بحيث تكون مطالعتها ترويحاً للنفس ، وليس عبئاً عليها .
إن مهمة الكاتب ليست في إضعاف النفوس ، بل في تحريك الرؤوس وكل كاتب لايثير في الناس رأياً ، أو فكراً ، أو مغزى يدفعهم إلى التطور ، أوالنهوض ، أو السمو ، على أنفسهم ، ولا يحرك فيهم غير المشاعر السطية العابثة ، ولا يقرُّ فيهم غير الاطمئنان الرخيص ، ولا يوحي إليهم إلا بالإحساس المبتذل ، ولا يمنحهم غير الراحة الفارغة ولا يغمرهم إلا في التسلية ، والملذات السخيفة التي لا تكوِّن فيهم شخصية ولا تثقف فيهم ذهناً ، ولا تربي فيهم رأياً ، لهو كاتب يقضي على نمو الشعب ، وتطور المجتمع .
2-الأسلوب :
وهو الصياغة اللغوية ، والأدبية لمادة المقالة ، أو هو القالب الأدبي الذي تصب فيه أفكارها ، ومع أن الكتَّاب تختلف أساليبهم ، بحسب تنوع ثقافاتهم ، وتباين أمزجتهم ، وتعدد طرائق تفكيرهم ، وتفاوتهم في قدراتهم التعبيرية ، وأساليبهم التصويرية ، ومع ذلك فلا بد من حدٍّ أدنى من الخصائص الأسلوبية ، حتى يصح انتماء المقالة إلى فنون الأدب .
فلا بد في أسلوب المقالة من الوضوح لقصد الإفهام ، والقوة لقصد التأثير ، والجمال لقصد الإمتاع ، فالوضوح في التفكير ، يفضي إلى الوضوح في التعبير ، ومعرفة الفروق الدقيقة ، بين المترادفات ثم استعمال الكلمة ذات المعنى الدقيق في مكانها المناسب ، سبب من أسباب وضوح التعبير ودقته , ووضوح العلاقات ، وتحديدها في التراكيب سبب في وضوح التركيب ، ودقته ، فهناك فرق شاسع بين الصياغتين (يُسمح ببيع العلف لفلان ـ يسمح لفلان ببيع العلف ).
والإكثار من الطباق يزيد المعنى وضوحاً ، وقديماً قالوا : (وبضدها تتميز الأشياء ) الحرُّ والقرُّ ، والجود والشحُّ ، والطيش والحلم واستخدام الصور عامة ، والصور البيانية خاصة ، يسهم في توضيح المعاني المجردة ، مثال ذلك :
الأدب اليوم عصاً بيد الإنسانية ، بها تسير لامرود ، تكحل به عينها وهو نور براق ، يفتح الأبصار ، وليس حلية ساكنة بديعة تزين الصدور.
القوة في الأسلوب :
[size=3]والقوة في الأسلوب سبب في قوة التأثير ، فقد يسهم الأسلوب في إحداث القناعة ، لكن قوة الأسلوب تحدث " موقفاً " وتأتي قوة الأسلوب من حيوية الأفكار ، ودقتها ، ومتانة الجمل ، وروعتها ، وكذلك تسهم في قوة الأسلوب الكلمات الموحية ، والعبارات الغنية ، والصورة الرائعة والتقديم والتأخير ، والإيجاز والإطناب ، والخبر والإنشاء ، والتأكيد والإسناد ، والفصل والوصل .
مثال ذلك :
إذا أردنا أن نعيش سعداء حقاً فما علينا إلا أن نراقب القمح في نموه والأزهار في تفتحها ، ونستنشق النسيم العليل ، ولنقرأ ولنفكر ، ولنشارك تايلر في إحساسه ، إذ يقول : سلبني اللصوص ما سلبوا ولكنهم تركوا لي الشمس المشرقة ، والقمر المنير ، والحياة الفضية ، الأديم ، وزوجة مخلصة تسهر على مصالحي ، وتربية أطفالي ، ورفقاء يشدون أزري ، ويأخذون بيدي في كُربي ، فماذا سلبني اللصوص ، بعد ذلك ؟ .. لا شيء ، فهاهوذا ثغري باسم وقلبي ضاحك ، وضميري نقي طاهر .[/size]
الجمال في الأسلوب :
إذا كان الوضوح من أجل الإفهام ، والقوة من أجل التأثير ، فالجمال من أجل المتعة الأدبية الخالصة ، وحينما يملك الكاتب الذوق الأدبي المرهف والأذن الموسيقية ، والقدرات البيانية ، يستطيع أن يتحاشى الكلمات الخشنة والجمل المتنافرة ، والجرس الرتيب ، وحينما يوائم بين الألفاظ والمعاني ويستوحي من خياله الصورة المعبرة ، يكون أسلوبه جميلاً .
مثال ذلك :
البرج العاجي الخلقي هو السمو عن المطامع المادية ، والمآرب الشخصية فليس من حق مفكر اليوم أن ينأى بفكره عن معضلات زمانه ولكن من واجبه أن ينأى بخلقه عن مباذل عصره ، وسقطاته ، البرج العاجي عندي هو الصفاء الفكري ، والنقاء الخلقي ، وهو الصخرة التي ينبغي أن يعيش فوقها الكاتب مرتفعاً عن بحر الدنايا الذي يغمر أهل عصره ، لا خير عندي للمفكر الذي لا يعطي من شخصه مثلاً لكل شيء نبيل رفيع جميل .
3- الخطة:
و هي العنصر الثالث من عناصر المقالة ويسميها بعضهم الأسلوب الخفي وهي المنهج العقلي الذي تسير عليه المقالة ، فإذا اجتمعت للكاتب أفكارٌ وآراء يريد بسطها للقراء ، وكان له من الأسلوب ما يستطيع أن تشرق فيه معانيه ، وجب ألا يهجم على الموضوع من غير أن يهيء الخطة التي يدفع في سبيلها موضوعه .
والخطة تتألف من مقدمة ، وعرض ، وخاتمة ، والمقدمة هي المدخل وتمهيد لعرض آراء الكاتب ، ويجب أن تكون أفكار المقدمة بديهية مسلماً بها ، ولا تحتاج إلى برهان ، وأن تكون شديدة الاتصال بالموضوع وأن تكون موجزة ، ومركزة ومشرقة .
وأما العرض ، فهو صلب الموضوع ، وهو الأصل في المقالة ، وفيه تعرض أفكار الكاتب عرضاً صحيحاً ، وافياً متوازناً ، مترابطاً متسلسلاً ويُستحسن أن يمهد الكاتب لكل فكرة ، ويربطها بسابقتها ، ويذكر أهميتها ويشرحها ، ويعللها ، ويوازنها مع غيرها ، ويذكر أصلها وتطورها ويدعمها بشاهد أدبي ، أو تاريخي ، ويُفضل ان تُعرض كل فكرة رئيسة في فقرة مستقلة .
والخاتمة تلخص النتائج التي توصل إليها الكاتب في العرض ، ويجب أن تكون واضحة ، صريحة ، حازمة .
أنواع المقالة:
فمن حيث الموضوع هناك المقالة الاجتماعية ، والسياسية ، ومن حيث الأسلوب ، هناك المقالة العلمية ، والأدبية ، ومن حيث الطول ، هناك المقالة المطولة ، والخاطرة ، ومن حيث اللبوس الفني ، هناك المقالة القصصية ، والتمثيلية ، ومقالة الرحلات ، ومقالة الرسالة ، ومن حيث موقف الكاتب هناك الذاتية ، والموضوعية ، ومن حيث طرق نقلها إلى الجمهور ، هناك المقالة المقروءة ، والمسموعة ، والمنظورة .
انواع المقاله التي تناولت بالشرح والتفصيل:
1- المقال الوصفي أو السردي .
2- المقال التوضيحي .
3- المقال التحليلي .
4- المقال الصحفي .
5- الخاطرة .
6-المقاله العلميه
7-المقاله الادبيه
1- المقال الوصفي أو السردي :
الهدف من المقال الوصفي أو السردي هو إعطاء صورة واضحة ومفصلة لمكان رآه الكاتب أو حادث شاهد. ولتحقيق مثل هذين الهدفين ، ينبغي أن يخصص الكاتب الفقرات المكونة للقسم الثاني من المقال لإعطاء صوة للمكان ، أو سرد لوقائع الحادث. وطبيعي أن يتابع الكاتب في وصف المكان أو الإنسان أو أي شئ آخر , حركة عينية , وفي الحكاية يتبع الكاتب الحركة الزمانية . وفي كلتا الحالتين تختص كل فقرة بزاوية من زوايا المكان أو واقعة من الحدث , بقدر من التفصيل . وبذلك يخرج القارئ بصورة واضحة للمكان أو الحاث كما كون قد شاهده بنفسه
2 - المقال التوضيحي :
وفية يبدأ الكاتب بذكر قضية أو حكم عام في المقدمة , كأن يقدم نظرية أو مبدأ عاماً حول أمر من الامور , وقد يستغرق هذا فقرة أو فقرتين , إلا أن هذا الحكم العام يحتاج إلى عرض و توضيح ’, وذلك بإعطاء عدد من الأمثلة التوضيحية.وفي القسم الثانى من المقال يقدم الكاتب عددا من هذه الأمثلة التوضيحية التي تعرض الحكم العام الذي قدم به مقاله وتؤيده.
وقد يعمد الكاتب إلى اختيار آخر , وهو أن يذكر عددا من الأمثلة التوضيحية في فقرة واحدة. ثم يختار مثالا واحدا ويخصة بقدر أكبر من التحليل و المناقشة بما يخدم غرضه.
وهناك وسيلة أخرى قد يستخدمها الكاتب في سبيل توضيح هدفه , وهي القياس . يقوم الكاتب بقياس ما يتحدث عنه في شئ آخر مألوف لدى القارئ. او الاعتماد على المقارنة .
3- المقال التحليلي:
المقال التحليلي , وكما يدل الاسم يقوم على تحليل الموضوع إلى عناصره المختلفة , ثم يتناول الكاتب كل عنصر منها بالعرض و المناقشة في فقرة أو فقرتين إلى أن ينتهي من عرض كل العناصر المكونة للموضوع .
4- المقال الصحفي :
يمتاز المقال الصحفي عن سواه من المقالات السابقة أن كاتبه يستمد مادته من الواقع , ويتناول فيه ما يهم البلاد من أحوالها السياسية الداخلية و الخارجية, و الاقتصادية و الاجتماعية.
وليس الهدف من المقال الصحفي التطويل , ولا القدر الكبير من المعلومات , وإنما التعمق و النظرة الرأسية في التجارب التي يعيشها على أرض الواقع.
5- المقالة العلمية :
موضوعاتها علمية ، وأهدافها تبسيط الحقائق العلمية ، وتيسير نقلها إلى الجمهور ، يقول قدري طوقان " الشمس أقرب نجم إلينا ، وتقدر المسافة بثلاثة وتسعين مليوناً من الأميال ، فلو سار قطار إليها بسرعة خمسين ميلاً في الساعة لوصلها في مائتين وعشرين سنة ، والأمواج اللاسلكية ، التي تدور حول الأرض سبع مرات في ثانية واحدة ، هذه الأمواج لو أرسلت إلى الشمس لوصلها في ثماني دقائق وربع ، ولو أرسلت إلى أقرب نجم إلينا بعد الشمس لوصلته في أربع سنين ونصف " .
فهنا نلاحظ أسلوب المقالة العملية المباشر الذي يعتمد على الدقة في استخدام الألفاظ ، والسهولة في صوغ العبارات ، والبعد عن التأنق والزينة ولا تلبس المقالة العلمية من الأدب إلا أرق ثوب.
6-المقالة الأدبية :
وهي قطعة من الشعر المنثور ، تشف عن ذات الأديب ، وتعبر عن مشاعره ، وتنطلق مع خياله ، وترسم ملامح شخصيته ، أسلوبها أدبي محض ، ففيها ماشئت من عواطف جياشة ، وخيال عريض ، وصور مترفة وأسلوب رشيق ، يقول عبد العزيز البشري متحدثاً عن سيد درويش :
" فما إن لحن سيد درويش فكان المغني شديداً إلا قوي لحنه ، ودعم ركنه وشدَّ بالصنعة متنه ، فسمعت له مثل قعقعة النبال ، إذا استعر القتال ، أو مثل زئير الآساد ، إذا تحفزت للصيال ، وإذا جنح الكلام إلى اللين ، كان لحنه أرق من نسج الطيف ، وألطف من النسمة في سحرة الصيف .
7-الخاطرة :
مقالة قصيرة جداً تحتل بعض الزوايا في الصحف ، والمجلات وتعتمد على أسلوب الخطف في معالجة الموضوعات ، وتتميز بالطابع الذاتي وتشيع فيها السخرية ، ولها مذاق عذب في نفس القارئ ، وهي أشبه شيء بالرسم الكاريكاتوري .
لا بد ان تتوافر شروط لتميز مقالة عن اخــــرى منها:
1- من اهمها الغرض والمضمون والفكرة العامة التي تحملها ونـــــــوع الاسلوب
والتركيب اللغوي السليم والتسلسل الفكري والهيكل العام والذي يفضل ان يكون
ليس بالطويل وليس بالقصير ويحوي لاجزاء المقالة الثلاث على مختلف انواعها
سواء المقالة السياسه او المقالة الادبيه.........( المقدمة . العرض . المضمون)
2-تتميز المقالة التي تحاكي فكرة او حدث معاصر( وليد الساعة) وتجاري الاحداث
المعاصرة وتتبنى عرض المسائل الحيويه التي تدور على الساحـــــــــة المعاصرة
باحتوائها افكار متجددة ومرنة تخدم ما يدور من احـــداث نعايشها وتنعكس علينـا.
3- ان تكون ذات تعبير فكري شخصي ( غير منقولة) وتعبر عن افكار الكاتب مــن
خلال نتاج قلمه.. اي انها تعبير عن وجهه النظر الشخصيه لتطلعات الكـــــــاتب.
4-تماسك الفكرة الرئيسيه ومراعاة التدرج السلس من الفكرة الرئيسيه الى الافكار
الفرعية الاخرى.. مع مراعاة عدم التشتت الفكري و وتناغم وانسجـــــام الطرح
وتجميع الخواطر داخل اطار واضح يخدم الفكرة الرئيسيــــــــــــــه المطروحــــة
5- تبقى مسالة الفروق الفردية بين الاقلام ومستوى الارتقاء الفكري والتحكــــــم
بالاسلوب ومدى شد القارئ وجذب الانتباه باسلوب شيق بعيدا عن الجمــــــــود
وايصال المضمون الى القارئ بسهولة مهارات فردية يختلف فيها قلم عن اخر.